الجلوكوما: الخطر الصامت وراء 10% من حالات العمى في المملكة

مع تزايد انتشار مرض الجلوكوما في المملكة العربية السعودية والعالم، يؤكد خبراء طب العيون أن هذا المرض، المعروف بـ”السارق الصامت للبصر”، يشكل خطرًا كبيرًا يهدد بصر الملايين. إذ يعدّ السبب الرئيسي لفقدان البصر غير القابل للعلاج عالميًا. وعلى الرغم من خطورة الجلوكوما، فإن اكتشافه في وقت مبكر يمكن أن يحدث فرقًا كبيرًا، حيث يتيح التدخل الطبي في الوقت المناسب فرصة لتجنب فقدان الرؤية الدائم.

الجلوكوما..أحد أبرز أسباب فقدان البصر في المملكة

يُعد مرض الجلوكوما أحد الأسباب الرئيسية للعمى في السعودية، وفقًا لإحصائيات اللجنة الوطنية لمكافحة العمى، حيث يسهم في نحو 10% من حالات العمى في المملكة. وتشير الدراسات إلى أن معدلات انتشار المرض تتراوح بين 2% إلى 6% في بعض المناطق، مما يجعله تحديًا صحيًا يستوجب زيادة التوعية بخطورته وأهمية الفحص المبكر.

ويصف د. عمر الصويغ، طبيب العيون بمستشفى القوات المسلحة بالجنوب، الجلوكوما بأنه مرض يتطور تدريجيًا، حيث يبدأ بتضيّق في مجال الرؤية المحيطية دون أن يلاحظ المريض، مما يؤدي في كثير من الأحيان إلى تشخيصه في مراحل متقدمة فقط. وأضاف أن العلاج المبكر باستخدام القطرات أو التدخل الجراحي قد يساعد في الحد من تدهور الرؤية.

أسباب ارتفاع الإصابة بالجلوكوما

تتعدد عوامل الخطر التي تزيد من احتمالية الإصابة بالجلوكوما، بما في ذلك التقدم في العمر، ووجود تاريخ عائلي، وارتفاع ضغط العين، والمشاكل الصحية المزمنة مثل السكري وأمراض القلب. يوضح د. هاني بن بشير البلوي، استشاري طب العيون بجامعة تبوك، أن المرض يؤثر حاليًا على أكثر من 76 مليون شخص حول العالم، ومن المتوقع أن يصل العدد إلى 112 مليونًا بحلول عام 2040، مما يعكس ضرورة تكثيف الجهود للكشف المبكر.

وشدد البلوي كذلك على أهمية التكنولوجيا المتقدمة المستخدمة في تشخيص المرض، مثل قياس ضغط العين، والتصوير المقطعي التوافقي للعصب البصري (OCT)، والتي تسهم في اكتشاف التغيرات في مرحلتها المبكرة قبل حدوث تلف غير قابل للإصلاح.

الكشف المبكر.. سبيل الوقاية من العمى

يوصي الخبراء بضرورة الفحوصات الدورية للأشخاص الذين تجاوزوا سن الأربعين أو ممن لديهم تاريخ عائلي مع الجلوكوما، إذ تعتبر هذه الفحوصات الركيزة الأساسية للوقاية من فقدان البصر. ويسلط د. حسين السقاف، استشاري طب العيون، الضوء على تقنيات التشخيص الحديثة مثل أجهزة قياس ضغط العين المتطورة والذكاء الاصطناعي للكشف عن التلف المبكر في العصب البصري.

إلى جانب الفحص المبكر، شهدت علاجات الجلوكوما تقدمًا كبيرًا في السنوات الأخيرة، حيث ظهرت أدوية مبتكرة وقطرات مخصصة تقلل من أعراض المرض، فضلًا عن الجراحات طفيفة التوغل التي تخفف من ارتفاع ضغط العين. وتشكل هذه العلاجات أملًا جديدًا لمرضى الجلوكوما في منع تدهور الرؤية والحفاظ عليها بشكل أفضل.

مع ازدياد وعي المجتمع بحجم المشكلة الصحية التي يشكلها مرض الجلوكوما، يمكن للتشخيص المبكر والعلاج الفعّال تقليل نسب الإصابة بالعمى المرتبط بهذا المرض. ويؤكد المختصون على أهمية متابعة الفحوصات الدورية والحملات التوعوية لتعزيز ثقافة العناية بالعين لدى الجميع، مما يساهم في صون نعمة البصر من خطر “السارق الصامت”.