يقدم "قسم البداية" ضمن فعاليات بينالي الفنون الإسلامية، المقام تحت عنوان "وما بينهما"، ويستمر حتى 25 مايو المقبل في صالة الحجاج الغربية بمطار الملك عبدالعزيز الدولي بجدة، معرضًا استثنائيًا يستعرض مفهوم المقدسات في الإسلام عبر مجموعة نادرة من المقتنيات والتحف الإسلامية التي تُعرض لأول مرة خارج مكة المكرمة والمدينة المنورة، لتأخذ الزوار في رحلة ثقافية بصرية وروحية تجسّد جماليات الفنون الإسلامية القديمة والمعاصرة.ويبرز من ضمن المعروضات، مدرجًا تاريخيًا كان يستخدم للوصول إلى باب الكعبة المشرفة المرتفع، ويتميز بتصميمه الفريد الذي يعكس عظمة التاريخ الإسلامي وثراء الفنون المعمارية القديمة، حيث أُهدي للكعبة المشرفة في ثلاثينيات القرن الثالث عشر الهجري (عشرينيات القرن التاسع عشر الميلادي) من قِبل حاكم سلطنة كارناتيك بجنوب الهند، أعظم جاه بهادر ولاجاه الرابع، المعروف أيضًا باسم محمد منور خان بهادر (حكم بين عامي 1234-1240هـ/ 1819-1825م).

ويبلغ طول المدرج المعروض حوالي خمسة أمتار وارتفاعه أربعة أمتار، وصُمم بإتقان متناهٍ وزخارف مستوحاة من الطراز الباروكي، ليصبح شاهدًا على روعة الإبداع وثراء الثقافة الإسلامية وانفتاحها على الفنون العالمية.

ونُقل المدرج عبر شركة الهند الشرقية، التي تولت تعبئته وشحنه على متن السفينة "هولي لتشمي" من تشيباك إلى جدة مرورًا بمومباي عام 1242هـ / 1826م، مصحوبًا بهدايا لأعيان مكة المكرمة، في إشارة إلى روح الكرم والعطاء التي تميزت بها هذه الهدية التاريخية.

ولعب هذا المدرج دورًا بارزًا في تنظيم عملية الدخول إلى الكعبة المشرفة، إذ خُصّص لاستخدام الرجال خلال أيام فتح باب الكعبة، بينما كان هناك مدرج آخر فضي، أهداه حاكم رامبور في الهند بين عامي 1282-1304هـ/ 1865-1887م، يُستخدم لخدمة النساء، إلا أن الأخير تدهورت حالته وتم تفكيكه في عام 1365-1364هـ/ 1946-1945م.

ويتيح بينالي الفنون الإسلامية للزوار فرصة فريدة لاستكشاف هذا المدرج التاريخي الذي يجسد دلالات ثقافية عميقة، ويروي قصة ارتباط الملوك والحكام عبر التاريخ بمكة المكرمة، وحرصهم على إهداء تحف ذات قيمة استثنائية للكعبة المشرفة، تقديرًا لمكانتها العظيمة وقيمتها الروحية في نفوس المسلمين.