الطريق إلى صنعاء - خبر صح

المشهد اليمني 0 تعليق ارسل طباعة تبليغ حذف

نعرض لكم زوارنا أهم وأحدث الأخبار فى المقال الاتي:
الطريق إلى صنعاء - خبر صح, اليوم الثلاثاء 11 مارس 2025 09:39 مساءً

ما حدث في سوريا من توقيع اتفاق بين الرئيس السوري وقائد قوات سوريا الديمقراطية (قسد) رغم عمق الخلافات السياسية والتباينات الطائفية والتوحد تحت راية عسكرية واحدة يشكل درساً بالغ الأهمية وعبرة نافذة للمكونات اليمنية المنضوية تحت مظلة الشرعية، والمتمثلة في مجلس القيادة الرئاسي.

لقد أثبتت التجارب القاسية في المنطقة أن الانقسام بين القوى المناهضة للمشاريع الطائفية والاستبدادية لا يؤدي إلا إلى وهنها وتلاشي تأثيرها بينما يعزز من سطوة خصومها ويمنحهم تفوقاً استراتيجياً وهذا ما أكده التاريخ في أكثر محطة ومنعطف مفصلي في حياة الشعوب.

نحن نقف اليوم عند مفترق طرق وفي لحظة تاريخية بالغة التعقيد حيث لا سبيل إلى دحر مليشيات الحوثي واستعادة الدولة إلا عبر توحيد الصف الوطني ودمج كافة القوى العسكرية الشرعية تحت مظلة وزارة الدفاع ليعمل الجميع كجيش وطني موحد بعيداً عن حالة التمزق والتشرذم التي لم تورث البلاد إلا مزيداً من الهوان والضعف والضياع ولم يستفد منها إلا الحوثي وأعداء اليمن من الطامعين والمتربصين.

إن استمرار حالة التشرذم للتشكيلات المسلحة بولاءات وأجندات مختلفة لا يقود إلا إلى إطالة أمد الصراع واستنزاف الشرعية وإضعاف قدرتها على المواجهة بينما يمنح الحوثي أفضليةً كاسحة إذ يدرك تماماً أن مكمن قوته الحقيقية لا يكمن في تفوقه العسكري بل في هشاشة وتشرذم القوى المناهضة له وانشغالها بخلافاتها العبثية.

إن استمرار هذا الانقسام القاتل لا يعزز فقط من سطوة الحوثيين بل يفتح المجال على مصراعيه أمام التدخلات الخارجية التي تجد في النزاعات الداخلية بيئة خصبة لاستنزاف اليمن وإضعاف قراره الوطني ومصادرة سيادته كما أنه يقوض فرص استعادة الدولة ويهشم صورة الشرعية أمام المجتمع الدولي الذي لن يراهن على كيان مفكك غارق في صراعاته الداخلية وعاجز عن حسم معركته المصيرية خاصة بعد استهداف مليشيات الحوثي حركة التجارة في البحر الأحمر.

استمرار دعم المجتمع الدولي للحكومة الشرعية في اليمن يشكل فرصة يمكن الاستفادة منها قبل أن تتلاشى.

إن توحيد الصف العسكري تحت قيادة وطنية واحدة لا يعني إلغاء التنوع أو طمس التباينات السياسية والمناطقية بل هو ضرورة استراتيجية تفرضها مصلحة اليمن قبل أي اعتبارات أخرى.

لقد أثبتت تجارب التحرر الوطني عبر مختلف المراحل أن أي مشروع وطني حقيقي لا يمكن أن ينجح دون أن تتوحد القوى الفاعلة تحت راية واحدة، خصوصًا عندما يكون العدو واضحاً والمخاطر وجودية والمصير واحداً لا يحتمل المساومة أو التجزئة.

فإعادة بناء جيش وطني محترف يعمل وفق عقيدة وطنية جامعة هي المفتاح الحقيقي للنصر لأن المعركة مع الحوثي ليست مجرد مواجهة عسكرية بل معركة وجودية فاصلة بين مشروع الدولة ومشروع المليشيا.

لقد سجّل التاريخ أسماء القادة الذين أدركوا عظمة اللحظة التاريخية، فتساموا فوق المصالح الضيقة وارتقوا إلى مستوى المسؤولية كما سجّل أيضاً سقوط أولئك الذين أعمتهم أنانيتهم ففرّطوا بمصائر أوطانهم.

واليوم يقف اليمن على أعتاب لحظة تاريخية حاسمة لن يُكتب له الخلاص إلا بسواعد جميع أبنائه بكل أطيافهم السياسية والجغرافية وتحت راية واحدة لا تقبل التعدد أو التجزئة.

فهل سيلتقط القادة هذه اللحظة الفارقة ويصنعون التاريخ أم سيبقون أسرى الخلافات التي لم تنتج سوى الخراب والخذلان والانكسار؟.

إخترنا لك

أخبار ذات صلة

0 تعليق